في الخامس عشر من تموز 1967، انطلقت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، من قلب القدس، لتشكل فصيلاً وطنياً فلسطينياً مقاتلاً في صفوف الثورة والحركة الوطنية الفلسطينية، وتشكل حضوراً فاعلاً في منظمة التحرير الفلسطينية وفي مسيرة نضال شعبنا على طريق العودة الحرية والاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
٥٨عاماً من النضال، ومازالت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وإلى جانب كل القوى الحيّة وبين صفوف الجماهير، مع شعبنا البطل وهو يخوض معارك الدفاع عن قضيته الوطنية وحقوقه المشروعة وعن الأرض والهّوية والوجود، في مواجهة أشرس الحروب الهمجية التي تشنها دولة الاحتلال الفاشية وبدعم مباشر ومتواصل من قبل الإدارة الأمريكية، ويقدم شعبنا التضحيات الغالية ثابتاً على خياره التاريخي بالتمسك بالحقوق الوطنية العادلة والمشروعة وبالنضال بكل أشكاله، من أجل انتزاع حقوقنا الوطنية المشروعة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وكاملة السيادة وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران 1967، وتطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها القرار الأممي 194، الذي يكفل للاجئين من أبناء شعبنا، حقهم الثابت في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها قسراً، منذ نكبة العام 1948 .
وفي خضم اللحظة التاريخية والفارقة التي تمر بها قضية شعبنا، والتي في ظلالها تحيي جبهة النضال الشعبي الفلسطيني الذكرى ٥٨ لانطلاقتها المجيدة، نؤكد أن المهمة الأساسية اليوم مواجهة المخططات والمشاريع الاحتلالية والأمريكية كافة، في اطار سعيها لتقويض المنجزات الوطنية وفرض وقائع جديدة على الأرض تنفيذاً لسياسات وإجراءات حكومة الاحتلال العنصرية والفاشية بقيادة مجرم الحرب الهارب من العدالة الدولية بنيامين نتنياهو ومن معه من أقطاب الائتلاف اليميني الفاشي، إلى جانب مهمة الدفاع عن شعبنا، بكل ما يلزم في التصدي للحرب الهمجية والإبادة الجماعية وكسر الحصار عن قطاع غزة المستباح، وإمداده بكل ما يلزم لإنهاء حالة الجوع والعطش والموت البطيء، في ظل انهيار المنظومة الصحية، وتوفير الأمكانيات لتقديم المآوى للنازحين في أماكن سكناهم، وكسر مشروع التهجير القسري، والتمسك والتأكيد على ضرورة ضمان إعادة إعمار ما دمره العدوان الهمجي، لتستعيد الحياة دورتها في قطاع غزة، صامداً وموحداً، وافشال كل مخططات فصله عن الضفة الغربية لقطع الطريق أمام إقامة الدولة الفلسطينية.
نؤكد رفضنا وبشدة المقايضة بحقوقنا المالية المسلوبة بوقف نضالنا السياسي والدبلوماسي وسحب القضايا المرفوعة على الاحتلال وقادتها أمام المحاكم الدولية، وندعو لرص الصفوف والمواجهة الميدانية بتصعيد وتطوير أشكال المقاومة الشعبية السلمية للتصدي لشرعنه الاستيطان ومصادرة الأراضي والضم الفعلي والتدريجي، لابتلاع الضفة الغربية بالكامل، وتهويد القدس ومحاولات فرض السيادة والقانون الإسرائيلي عليها، وإنهاء الكيانية الفلسطينية، وكل هذه الإجراءات المعادية والمستفزة تتم
بالتوافق المفضوح مع الإدارة الأمريكية، وصمت البعض الأوروبي ومباركته، إن لم يكن مشاركته، في حين النظام الرسمي العربي يقف عاجزاً عن تنفيذ قرارات القمم العربية، ومضافاً عن العجز عن اتخاذ أي موقف، وانخراط البعض منها في مشاريع بعضها لخلق أطر بديلة أو موازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومحاولات الوصاية البائسة والنيل من القرار الوطني المستقل والبعض الآخر لتكريس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والإعلان عن الانضمام لأية صيغة لليوم التالي لمستقبل قطاع غزة يكون طرفاً فيها، بديلاً عن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وولايته القانونية والجغرافية والسياسية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران 1967 بما فيها القدس الشرقية.
إننا في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني نؤكد على أهمية وضع رؤية سياسية موحدة لمواجهة الإجراءات الأحادية الجانب التي تقوم بها حكومة الاحتلال، والتي تلغي كل الاتفاقيات الانتقالية المنتهية قانونياً والمستمرة بفعل الأمر الواقع، وعلينا أن لا نبقى الطرف الوحيد الملتزم بهذه الاتفاقيات، في الوقت الذي يتنصل الاحتلال منها، ومن هنا تقدمنا برؤية لخطوات عملية ملموسة تحافظ على الكيانية السياسية الفلسطينية، وتستفيد من الزخم الدولي المتصاعد الداعم والمؤيد للحق الفلسطيني، سواء بالاعترافات الثنائية أم بالأمم المتحدة، أو بالمحاكم الدولية، لتعزيز هذه الإنجازات ونعمقها وننتقل بها، لحصد المزيد من الاعترافات الدولية، وبالذهاب لخطوة تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية المعترف بها طبقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وأن نخوض معركة تجسيد الدولة بمؤسساتها الدستورية بإعلان دستوري يحدد هوية الدولة وطابعها التعددي الديمقراطي، والأسرع في تشكيل مجلس وطني جديد ليكون برلمان مؤقت لهذه الدولة.
إن إحياء ذكرى الانطلاقة المجيدة للجبهة، تضع على عاتقنا مهام كفاحية جديدة على الصعيدين السياسي وانتهاج سياسات اجتماعية إقتصادية تكفل العدالة والمساوة بالحقوق وفرص العمل ومواجهة البطالة المتزايدة والتضخم وارتفاع الأسعار، وبما يعزز صمود شعبنا حتى نستطيع الحفاظ على ماضٍ عريق تحملنا فيه مسؤوليات جسام في الحفاظ على المسيرة النضالية لشعبنا، ومستقبل واعد نجسّد فيه آمال وتطلعات شعبنا المشروعة في التحرر والاستقلال والعودة، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، دولةً مدنية ديمقراطية تضمن التعددية السياسية، واستقلال القضاء وتشيّد ركائز المجتمع المدني، وتصان فيها الحقوق لكل شرائح ومكونات المجتمع الفلسطيني.
بهذه الذكرى الخالدة، نجدد العهد والوفاء لتضحيات شعبنا وللشهداء وللأسرى الأبطال والقادة العظام الذين أسسوا وكرسوا حياتهم لقضية شعبهم، وفي مقدمتهم القائد المؤسس الخالد فينا الرفيق د. سمير غوشة، وكل الشهداء الذين قدموا دمائهم في سبيل الحرية الناجزة، ونعاهد الشهداء والأسرى، ونعاهد شعبنا العظيم في كل مكان أن تبقى رايات النضال عالية، وأن نستمر في هذه المسيرة حتى دحر الاحتلال وتحقيق أهدافنا الوطنية وفي المقدمة منها حق شعبنا بالعودة وتقرير المصير وفي بناء دولته المستقلة ذات السيادة، وبناء أسس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وترسيخ هويتنا الوطنية الحضارية والتقدمية، لتبقى جبهة النضال الشعبي الفلسطيني رائدة الحركة الاشتراكية واليسار الاجتماعي تعزيزاً للأسس والمبادئ والقيم التي قامت عليها منذ الشرارة الأولى لانطلاقتها.
اللجنة المركزية
لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
15/7/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق