بقلم: أسامة خليفة – كاتب فلسطيني
الخيار الدبلوماسي موجود، لكنه ضعيف، وترامب لا يريده إلا استسلامًا إيرانيًا كاملاً وتفكيكًا لبرنامجها النووي. وتفيد تقارير أن ترامب عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعماً عسكريًا مشروطًا، بحسب ما نقله الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد لقناة 12، حيث قال: "الولايات المتحدة ستفكر في ضرب منشأة فوردو النووية الإيرانية تحت الأرض إذا لزم الأمر".
لكن ترامب، في تصريح لقناة ABC News يوم 15 حزيران 2025، أشار إلى أن واشنطن "ليست متورطة في هذا الصراع"، مع ترك الباب مواربًا: "قد نتدخل... لكننا لم نفعل بعد."
في الكواليس، تجري مداولات داخل الكونغرس الأميركي لتقييد صلاحيات الحرب، لمنع تدخل عسكري غير محسوب ضد إيران. فترامب، كما هو معروف، لا يُقرأ بسهولة: يقول الشيء ونقيضه في آن.
أما إسرائيل، فهي تمضي في تنفيذ قرار اتخذ مسبقًا. فوفقًا لما كشفه نتنياهو، الخطة لتدمير برنامج إيران النووي وُضعت منذ نوفمبر 2024، بعد اغتيال السيد حسن نصر الله. وكان من المفترض تنفيذ الهجوم في نهاية أبريل 2025، لكن ظروفًا غامضة أجّلت التنفيذ.
ورغم الضربة الإسرائيلية القوية، فإن إيران امتصتها سريعًا وردّت دون تأخير، في رسالة واضحة: هذه معركة طويلة، وخسائر المعتدي ستكون باهظة، ولن تُحسم بضربة قاضية.
تل أبيب لم تنجح في تدمير المنشأة، فهرعت إلى واشنطن طلبًا للدعم، لكن الرد كان حذرًا. ونقل موقع Axios عن مسؤولين إسرائيليين أن بلادهم تريد من أميركا الانضمام لضمان حسم سريع. أما في حال الرفض، فستواصل إسرائيل التصعيد، بما في ذلك استهداف منشآت مدنية واقتصادية لإجبار طهران على التراجع.
إيران بدورها هددت بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي في حال تضررت منشآتها الحيوية، وهي إشارة لإمكانية التحول نحو تصنيع سلاح نووي كخيار ردع. وفي المقابل، قد تدفع هذه الخطوة واشنطن للتدخل العسكري، ما يفتح باب الجحيم في الشرق الأوسط.
وسط كل هذا، ترامب يردد عبارته المعروفة: "أمريكا أولاً"، مما يعكس تردده في الدخول في حرب قد تُكلّف الولايات المتحدة الكثير، سياسيًا وعسكريًا.
الواقع يشير إلى أن إسرائيل نفذت ضربات عديدة، لكنها عجزت عن تحقيق الاختراق الحاسم. منشأة فوردو صمدت. وطهران لم تُركع. بل إن الرد الإيراني كشف هشاشة الرهان على الحرب الخاطفة، وفتح الباب أمام حرب استنزاف طويلة، لا يضمن أحد مآلاتها.
في نهاية المطاف، القرار الأميركي سيحدد مصير هذه الحرب. وحتى ذلك الحين، تواصل النيران الاشتعال، ويظل شبح الانفجار الإقليمي الشامل قائمًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق