أعلان الهيدر

الاثنين، 2 يونيو 2025

الرئيسية خطة ويتكوف بين نيران الحرب ومراوغات السياسة: هل تنهار المبادرة الأميركية ؟

خطة ويتكوف بين نيران الحرب ومراوغات السياسة: هل تنهار المبادرة الأميركية ؟


 
في مشهد فلسطيني يغرق في الدماء والتوتر، تتأرجح المبادرة السياسية الأميركية، التي يقودها المبعوث ستيف ويتكوف، على حافة الانهيار، وسط تصلب في المواقف وتصعيد عسكري متواصل. فبينما تترك حركة "حماس" الباب موارباً أمام المقترح الأميركي، تسير إسرائيل بخطى ثابتة نحو تصعيد جديد، مستبعدة أي تهدئة محتملة.

وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أصدر تعليمات صريحة بمواصلة العمليات العسكرية في غزة "بمعزل عن أي مفاوضات"، في وقت يؤكد فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العمليات ستستمر حتى "تحرير الرهائن وهزيمة حماس"، ما يعكس تراجعًا واضحًا عن منطق الحلول السياسية.

رغم الاتهامات الأميركية لحماس بعرقلة التفاوض، تصر الحركة على أنها لم ترفض خطة ويتكوف بشكل قاطع، بل ترفض صيغتها الحالية، ووصفتها بأنها "غير عادلة ومنحازة بالكامل لإسرائيل"، خاصة أنها تفتقر إلى أي ضمانات لوقف دائم لإطلاق النار، وتفتح الباب لعودة الحرب بعد 60 يوماً.

الإعلامي والأكاديمي د. نشأت الأقطش، أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، اعتبر أن ما قدمته واشنطن ليس ورقة وساطة، بل ورقة أعدتها إسرائيل لتفرضها على الفلسطينيين. وقال في حديث لبرنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية: "ما يُعرض ليس وساطة، بل خطة نتنياهو مكتوبة بالحبر الأميركي".

الأقطش لفت إلى مفارقة لافتة: "بعد أكثر من 600 يوم من الحرب، لم تحقق إسرائيل أهدافها، فلو كانت حققتها، هل كنا سنسمع عن وساطات ومقترحات؟". وهو ما يعكس أن المبادرة السياسية جاءت لتدارك فشل عسكري أكثر من كونها خطوة حقيقية نحو تسوية.

ويزداد الغموض مع تصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي رفض كليًا مقترح ويتكوف، محذرًا من أن أي هدنة قد تتيح لحماس إعادة تسليح نفسها، واصفًا موافقة نتنياهو المحتملة على المقترح بـ"الخطأ الفادح".

ورغم جهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر، فإن الموقف الإسرائيلي الرسمي لا يزال متمسكًا بالخيار العسكري، بل ويشهد انقسامًا داخليًا بين تيارات تدعو للحسم وأخرى تخشى الكلفة المتزايدة للحرب.

وفي تحليله، يذهب الأقطش إلى أن ما يجري يتجاوز مجرد مواجهة مع حماس، ليصل إلى محاولة إسرائيلية لإفراغ غزة والضفة من سكانها الفلسطينيين ضمن "مشروع استيطاني طويل الأمد"، قائلاً: "إسرائيل لا تريد حماس فقط خارج غزة، بل تريد غزة بلا سكان".

وأضاف: "في الضفة لا توجد حماس، ومع ذلك نشهد مجازر وهدمًا وحصارًا"، وهو ما يكشف، بحسبه، أن المشروع الإسرائيلي واحد، وإن اختلفت الأدوات بين غزة والضفة.

وفي تقييمه للكارثة الإنسانية المتصاعدة، وصف الأقطش ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية تُرتكب على مرأى العالم"، محذرًا من الانخداع بخطة ويتكوف التي وصفها بأنها "فخ جديد" وليس حلاً حقيقياً.

وسط هذا المشهد المعقد، يُطرح سؤال جوهري: هل تملك حماس أوراقًا كافية للتفاوض؟ الأقطش لا يقدم إجابة مباشرة، لكنه يذكّر بأن جذور القضية أعمق من وجود حماس، وأن الاستهداف الإسرائيلي بدأ قبل عقود.

وفي ظل تواصل الغارات وسقوط الضحايا، خاصة بعد المجزرة الأخيرة في رفح، تتراجع فرص نجاح خطة ويتكوف، لتبدو أقرب إلى محاولة تمرير هدنة مؤقتة، سرعان ما تعقبها حرب جديدة، بحسب مراقبين.

في المحصلة، يبدو أن الميدان، لا الطاولات الدبلوماسية، هو من يفرض شروطه حاليًا. وبين تمسك حماس بعدم الرضوخ، وإصرار إسرائيل على المضي في الحرب، تتهاوى آمال التهدئة، وتبقى خطة ويتكوف في مهب الريح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Neda - Pal