محمد قاروط أبو رحمه
كيف كسبنا أصدقاء بالصمت؟
أُترك للآخرين فرصة الحصول على الصمت
في أحد مواسم الصيف اتفق صديقي مع مسبح لنستخدمه لممارسة الرياضة الصباحية، يقع المسبح بجوار مجمع سكني، بعض نوافذ الشقق تطل على المسبح، والطريق إلى المسبح والمجمع السكني ومكان موقف السيارات، واحد، نصلي الفجر في مسجد قريب جدا من المسبح، ثم ننطلق إليه، كنا في أشد الحرص على عدم إزعاج سكان المجمع السكني، ندخل موقف السيارات بهدوء، نركن السيارات ونفتح أبوابها ونغلقها ونفتح أقفال المسبح بلا أي صوت، ثم نضع قهوتنا وأشياءنا على جانب بركة السباحة وننزل الماء، نحتسي القهوة بصمت، نتحرك بهدوء على طرف واحد من المسبح ذهابا وإيابا،نفتح الهاتف ونوصله بمكبر الصوت، نسمع القرآن أو بعض الأغاني الصباحية، قوة الصوت الذي نستخدمه ضعيف لدرجة أننا لا نسمعه إلا على بعد مترين حرصا منا على الهدوء.
بعد ثلاثة أسابيع او أربعة سمعنا صوت حركة في الماء، شخص يسبح، ولأن الفجر لم يبزغ بعد لم نحدد جنسه، بزغ الفجر فإذا هي سيدة خمسينية تسبح بصمت على الجهة الأخرى من المسبح.
تركناها بصمتها، ولم تكسر صمتنا، غادرت قبلنا، ولم نكن لنشعر بها لولا أن مدخل المسبح من جهتنا.
لفت انتباهنا صمتها، ولكن كل شيء فيها قال، أهم ما لم تقله بلسانها، قالته بصمتها.
تصل إلى المسبح كريشة، تسبح كنسمة، أنيقة تلبس كل شيء بلون واحد
غطاء الرأس الخاص بالسباحة، والنظارة، وملابس السباحة، والروب، والحذاء الخاص بالمسبح كلها لون واحد، وكل يوم بلون.
ثلاثة أسابيع على هذا الحال، نحن نعرف أن أحد قواعد السلوك الإنساني تفيد بأن الرجل لا يبادر المرأة السلام، فلم نبادرها.
في بداية الأسبوع الرابع سبحت نحونا، استأذنت لتكسر صمتنا أولا، وألقت التحية ثانيا، وعرفت عن نفسها ثالثا، بادلناها التعارف.
تبادلنا أطراف الحديث عن الهدوء والصمت، في سياق توضيحها للصمت ذكرت علم الطاقة، واستغرقت أنا وصديقي وأسهبنا بالحديث عن علم الطاقة وخط الزمن والعلاج بالألوان. كانت تستمع بصمت عميق، ثم قالت أنا عالمة طاقة صممت معظم بيوت الزعماء والمشاهير العرب، وإني مندهشة لمستوى معرفتكم بهذه العلوم.
بقوة الصمت، كسبا صديقة مثقفة عالمة مؤثرة في المجتمع وفي كل مكان تكون فيه، وإذا غبنا هاتفتنا، وإقامتها الدائمة خارج فلسطين، وهي حريصة على التواصل معنا، ومتابعة أحوال فلسطين، وهي ألان بقوت صمتنا صوت مهم لفلسطين حيثما تكون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق